بسم الله الرحمن الرحيم
أخي فخامة الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين الشقيقة، والرئيس المشارك لمؤتمر "القدس.. صمود وتنمية"،
أخي جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة،
السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، والرئيس المشارك للمؤتمر،
السادة الحضور،
يشرفني ويسعدني، أن أتواجد معكم اليوم، في جامعة الدول العربية "بيت العرب" لنؤكد معًا، دعمنا لصمود القدس عصب القضية الفلسطينية، والقلب النابض للدولة الفلسطينية مدينة السلام، ومهد الأديان التي يستدعي ذكرها صور التعايش والتسامح صور الصلاة بالمسجد الأقصى المبارك، مختلطة بمشاهد الحج بكنيسة القيامة المدينة التي امتزج فيها، طريق إسراء النبي الكريم "محمد صلى الله عليه وسلم"، مع درب السيد المسيح "عليه السلام".
لقد كانت القدس عبر التاريخ، عنوانا للصمود، الذي يحمله اسم مؤتمر اليوم وإنه لمن المؤسف، أن هذا "الصمود"، أصبح وكأنه قدر تلك المدينة فهي كما عانت في الماضي، ما زالت تعاني في الحاضر.
ولقد اختص القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة المحورية، وكما لم يختص مدينة من قبل، الوضع القانوني لمدينة القدس بدءًا من تأكيد مجلس الأمن: "أنه لا يجوز الاستيلاء على الأرض بالقوة، وأن جميع الإجراءات التشريعية والإدارية، التي اتخذت من قبل إسرائيل، باعتبارها قوة احتلال، والتي يمكن أن تغير من معالم أو وضع المدينة المقدسة ليس لها صلاحية قانونية، وتمثل انتهاكًا صارخًا، لاتفاقية جنيف الرابعة" وانتهاء بتأكيد مجلس الأمن الدولي:
"عدم اعترافه بأية تغييرات على خطوط الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧ بما في ذلك ما يتعلق بالقدس، إلا ما يتم الاتفاق عليه بالتفاوض".
في هذا السياق، تؤكد مصر مجددًا، موقفها الثابت، إزاء رفض وإدانة أية إجراءات إسرائيلية، لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم، لمدينة القدس ومقدساتها كما تؤكد على الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس بما في ذلك المسجد الأقصى بكامل مساحته باعتباره مكان عبادة خالصا للمسلمين.
وتعيد مصر التحذير، من العواقب الوخيمة، التي قد تترتب على الإخلال بذلك أو على محاولة استباق، أو فرض أمر واقع، يؤثر سلبًا على أفق مفاوضات الوضع النهائي، بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
السادة الحضور الكرام،
لقد بادرت مصر منذ أكثر من أربعة عقود بمد يد السلام لإسرائيل.. سلام قائم على العدل، وعلى أساس العمل على التوصل لتسوية شاملة وعادلة، تعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة بما في ذلك، إقامة دولته المستقلة، على حدود الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧ وأؤكد هنا، أن عاصمة الدولة التي يرتضيها، ويتطلع إليها الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، ستظل هي القدس الشرقية.
إنه لمن المؤسف أن يأتي اجتماعنا اليوم على خلفية ظروف طارئة ومتأزمة تواجه القضية الفلسطينية وظروف تهدد الأمن الإقليمي، وتهدد مفهوم التعايش بين شعوب المنطقة المفهوم الذي سعينا لتكريسه عبر السنوات الماضية حيث تستمر الإجراءات أحادية الجانب المخالفة للشرعية الدولية من استيطان وهدم للمنازل، وتهجير ومصادرة الأراضي، وعمليات تهويد ممنهجة للقدس، واقتحـامات غيــر شــرعية للمســجد الأقصـى فضلًا عن الاقتحامات المستمرة للمدن الفلسطينية، على نحو يزيد الاحتقان على الأرض، ويهدد بانفلات الأوضاع الأمنية كما يزيد من الأسف أن كل ما تقدم إنما يعوق حل الدولتين ويضع الطرفين، والشرق الأوسط بأكمله أمام خيارات صعبة وخطيرة.
لذلك، فإنني أغتنم هذه المناسبة لتجديد دعوتي للمجتمع الدولي، وشركاء السلام، لضرورة العمل معًا، على إنفاذ حل الدولتين وتهيئة الظروف الملائمة، لاستئناف عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل باعتباره حجر الزاوية لتطلعات شعوب المنطقة، لتحقيق الأمن الإقليمي، والاستقرار والتعايش السلمي.
كما أدعو الأطراف الدولية لعدم الاستسلام للجمود السياسي الذي يتراكم مع الزمن، ويزيد من تعقيد التسوية في المستقبل.
إن مصر ستستمر في الدعوة، لمعالجة جذور الأزمة المتمثلة في الاحتلال ولن تألو جهدًا، في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، الذي طالت معاناته وستواصل - من أجل هذا الهدف - العمل مع طرفي الصراع، لإعادة إحياء المسار السياسي كما سنواصل جهودنا، للتعامل مع التحديات الآنية، وسنعمل مع جميع الأطراف على التهدئة بالضفة الغربية وقطاع غزة، وستستمر الجهود في دعم إعادة إعمار القطاع، ودعوة المجتمع الدولي لزيادة إسهامه، لتخفيف معاناة إخوتنا الفلسطينيين بغزة.
السادة الحضور،
أختتم كلمتي برسالتين أقول للشعب الفلسطيني في كافة بقاع الأرض: "نعم، لقد طالت معاناتكم، وتأخرت حقوقكم، وزادت أزمات المنطقة إلا أن قضيتكم، لازالت أولوية لدى مصر والعرب وتظل مكونًا رئيسيًا لعملنا المشترك وجزءًا لا يتجزأ في وجدان الشخصية العربية وإلى أن يتحقق طموحكم المشروع، في إقامة دولتكم بعاصمتها القدس الشرقية فإننا نظل داعمين لصمودكم بالقدس، وبجميع أركان فلسطين".
كما أتوجه لإسرائيل، حكومة وشعبًا، وأقول: "لقد حان الوقت لتكريس ثقافة السلام والتعايش، بل والاندماج بين شعوب المنطقة وإنه لهذا الغرض، فقد مددنا أيدينا، بالمبادرة العربية للسلام، التي تضمن تحقيق ذلك، وفقًا لسياق عادل وشامل فدعونا نضعها معًا، موضع التنفيذ ولنطوي صفحة الآلام، من أجل الأجيال القادمة.. الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء".
أشكركم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.