يبدو أن الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت عامها الثاني منذ أيام، والتي تعد من أخطر الحروب والأزمات الدولية منذ الحرب العالمية الثانية، وما خلفته من أزمات حول العالم، ستشكل بداية لرفع وتيرة سباقات التسلح العالمية بين جيوش الدول الكبرى بصورة ربما تكون غير مسبوقة، حيث أعلنت الصين، الأحد 5 مارس الجاري، زيادة في إنفاقها الدفاعي، ومن المقرر أن تزيد ميزانية الدفاع - ثاني أكبر ميزانية في العالم بعد الولايات المتحدة - بنسبة 7.2٪ هذا العام، لتصل إلى 1553.7 مليار يوان بما يعادل (230 مليار دولار) وهي أكبر زيادة منذ عام 2019.
وتأتي الزيادة في الميزانية العسكرية الصينية تزامنا مع تصاعد التوتر العالمي بسبب العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، وهو الأمر الذي رفضت بكين حتى الآن إدانته، معلقة إنها "تتفهم" المخاوف الأمنية لموسكو.
في صعيد مصر نقول أن "العز فوق أفواه البنادق"، ويبدو أن التنين الصيني سمع بهذه المقولة، وقرر أن يحمي مصالحه الاقتصادية في مواجهة القوى العظمى في العالم عن طريق رفع نسبة ميزانية التسليح، ليس فقط من أجل الحرب بل أيضا في حالات السلم، حيث تبحث الصين عن الاستقرار السياسي والعسكري في محيطها وحول العالم، فتعتبر أن ذلك مفتاحا للاستقرار الاقتصادي، كون الحروب والأزمات تعرقل بطبيعة الحال التنمية والاقتصاد، ولهذا هي تغلب كفة الحلول الدبلوماسية وسياسة المصالح المشتركة، فمثلا مع الحرب الروسية الأوكرانية نلاحظ كيف تأثرت سلبا أسواق الطاقة العالمية، ورغم رفعها معدلات انفاقها العسكري بشكل ملحوظ، لكن بكين تبقى حريصة على المضي على طريقها المعهود في المثابرة على تطوير قدراتها الاقتصادية والتنموية العملاقة، دون ضجيج أو تلويح بالحرب – كغيرها من دول - لدرجة أن توقعات خبراء الاقتصاد العالميين تشير إلى أنه الصين ستتحول القوة الأولى اقتصاديا في العالم على المدى القريب، وعموما فزيادة الانفاق العسكري الصيني تندرج في اطار تعزيز قوة الصين الردعية، ومكانتها كلاعب دولي لا يمكن تجاهله.
الحرب دفعت الكثير من الدول للتخلي عن سياسة خفض الإنفاق العسكري ما أرهق ميزانياتها وشكل ضغطا على شعوبها واقتصاداتها لاسيما دول القارة العجوز، ليضاف هذا الضغط إلى التداعيات التي أحدثتها الحرب ومنها ارتفاعات التضخم والزيادات الكبيرة في أسعار الطاقة، وهي الحمى التي أصابت التنين الصينين مؤخرا "حمى التسليح"، ويبدو أن هذه الحمى ستؤثر بشكل مباشر وكبير على اقتصادات العالم ربما أكثر من فيروس كورونا.. وهنا يظهر السؤال.. إلى أي مدى ستنتشر هذه الحمى؟