فجأة، أصبحت الطيارة المسيرة بدون طيار الدرونز هي محل أحاديث ودراسات المفكرين العسكريين. وأنظمة التطوير في القوات المسلحة في كل دول العالم حيث أصبحت أحد القوى المؤثرة في سير القتال وخصوصا مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية حيث أصبحت أحد عناصر التفوق العسكري لكل طرف من الأطراف المتصارعة، ولقد تطورت الأحداث في الأسبوع الماضي، حيث قامت أوكرانيا بدفع طائرة مسيرة للهجوم على منشأة للغاز على مسافة 50 ميل بالقرب من العاصمة الروسية موسكو، واسقطت الطائرة في بلدة غوباستوفو وبعدها قامت أوكرانيا بالهجوم المكثف بطائرات مسيرة على شبه جزيرة القرم حيث أسقطت القوات الروسية ست طائرات وقامت بتعطيل أربعة طائرات. يعتبر هذا التدخل الأوكراني في عمق الأراضي الروسية تطور جديد في شكل الحرب الروسية الأوكرانية باستخدام الطائرات المسيرة.

والدرونز Drones تعني الطنين أو الزنانة باللغة العربية حيث أن هذه الطائرة عندما تطير فإن أصواتها تشبه الطنين ومن هنا جاء اسمها. وفي البداية كانت هذه الطائرة هي لعبة أطفال تباع في محلات لعب الأطفال الشهيرة في أمريكا. Toys Are Us، ومن ثم أصبح أول استخدام عسكري لها لتدريب أطقم المدفعية المضادة للطائرات حيث كانت تطير وتقوم المدفعية المضادة للطيران بإطلاق النيران عليها. أما الاستخدام العسكري الفعلي في ميدان القتال فكان في البداية في حرب فيتنام حيث كان يتم تركيب كاميرات فيها لتصوير الأهداف والمواقع العسكرية الفيتنامية فكانت في البداية عليها مهام استطلاع. أما الاستخدام الحقيقي المؤثر فكان في حرب سهل البقاع بين سوريا وإسرائيل والتي خسرت فيها سوريا عددا كبيرا من طائراتها حيث استخدمت إسرائيل هذا النوع من الطائرات في عمليات الاستطلاع والحصول على المعلومات وعمليات التشويش على الطائرات السورية ووسائل الدفاع الجوي بعدها تنوع استخدام هذه الطائرات في كل جيوش العالم في عمليات الاستطلاع والحصول على معلومات عن العدو وخاصة في العمق نظرا لصغر حجم هذه الطائرة وصعوبة اكتشافها بالرادارات كما أنها لديها القدرة على الطيران لمدة تصل حتى الآن لم 25 ساعة، ويمكن أن تعمل على ارتفاع 27الف قدم كما أصبح لها الآن القدرة على نقل الصور من أرض المعركة مباشرة إلى مركز القيادة الرئيسي وبالتالي يتم توجيهها الي مناطق أخرى خلال مرحلة طيرانها.

ولعل أهم ميزة من هذه الطائرة هو تكلفتها البسيطة التي تصل إلى عدة آلاف من الدولارات. وتنفذ مهام الاستطلاع العادية التي تنفذها طائرات قتال تكلفتها مثلا100 مليون دولار للطائرة الإف 16، كما أن الذي يستخدم هذه الطائرة هو طيار أرضي يتم تدريبه على استخدام هذه الطائرة في مدة لا تزيد عن ثلاث إلى أربع شهور، بينما الطائرة المقاتلة تحتاج إلى طيار. يتم تدريبه أربع سنوات في الكلية الجوية ثم من 1-2 سنة على الطائرة المقاتلة، وهذا يعني تكلفة باهظة لتدريب هذا الطيار الذي يعمل على الطائرة المقاتلة كما أن الطائرة المسيرة بدون طيار لا تستخدم المطارات وبالتالي لا تحتاج إلى مدرج للإقلاع أو الهبوط حيث يمكن إطلاقها من فوق سطح منزل أو من فوق عربية نقل كما أنه يمكن أن تطير على ارتفاعات منخفضة ومسارات لا يمكن للطائرات المقاتلة أن تدخل فيها مثل الوديان الضيقة بين الجبال، كذلك فان صغر حجم هذه الطائرات لا يمكن أجهزة الرادارات الحالية من ان تلتقطها كما أنه ظهرت منها أنواع انتحارية تحمل المتفجرات وتهاجم الهدف وتدمره مباشرة. كما أنها يمكن أن تقوم بعمليات الإعاقة اللاسلكية والردارية للقوات المعادية كذلك الحصول على معلومات عن الطقس التي تهم أي قوات مقاتلة تقوم باستخدام الصواريخ الباليستية، كما تستخدم في عملية إعادة الإرسال للإشارات اللاسلكية بعيدة المدى وعمليات الإنقاذ البحري والجوي. وتنظيم التحركات الجوية، ولذلك فإن استخدامها الآن أصبح أحد المهام الرئيسية لعناصر أي قوات جوية في العالم.

وتعتبر عملية اغتيال وتصفية قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اهم العمليات التي تم تنفيذها بالطائرات المسيرة بدون طيار حيث كان سليماني قادما من سوريا بطائرة خاصة الي مطار بغداد حيث كانت تراقب تحركاته طائرة استطلاع بدون طيار، وفور نزوله من الطائرة أطلقت عليه طائرة مسيرة أخرى صواريخها. نحو الموكب المؤلف من سيارتين. والهدف هو قاسم سليماني ومعه أبو مهدي المهندس قائد مليشيات الحشد الشعبي. العراقية الموالية لطهران حيث قتل في هذه الغارة سليماني والمهندس وعشرة أشخاص، ولشدة الانفجار لم يتم التعرف على جثته الا من خلال الخاتم الذي كان يرتديه في اصبعه ولقد كانت إدارة طائرات الاستطلاع الموجهة بدون طيار والطائرة الاخرى التي تحمل الصواريخ الموجهة ضد الموكب المؤلف من سيارتين يتم إدارة هذه العملية. من مركز العمليات في أمريكا من خلال الأقمار الصناعية، وهذا يدل على إمكانيات استخدام هذا النوع من الطائرات وتنفيذ عمليات خاصة على المدى البعيد.

كما تستخدم هذه الطائرات المسيرة في الأنشطة المدنية مثل نقل مباريات كرة القدم والبطولات الرياضية والحفلات. الموسيقية. وكذلك سباقات السيارات التي يمكن أن تتابع هذا السباق لفترات طويلة من السماء كذلك وطوابير العرض العسكري، كما أنها لا تحتاج إلى عمليات صيانة معقدة مثل الطائرات المقاتلة العادية، لذلك فإن أطقم إعداد وإطلاق هذه الطائرة لحين عودتها لا يتعدى من خمس إلى ست أفراد. عكس الطائرة المقاتلة التي تحتاج إلى أكثر من 15 فرد وعلى درجة عالية من الكفاءة.

وقد وضعت هذه الطائرة أطقم وانظمة الرادارات الحالية في مشكلة كبيرة حيث تركز معظم الدول حاليا كل جهودها في تطوير إمكانيات الشبكات الرادارية وأطقم الرادار لتكون قادرة على اكتشاف هذه الطائرات المسيرة ذات الحجم الصغير جدا فور دخولها المجال الجوي وهي أكبر مشكلة يعاني منها الفكر العسكري الآن وهو كيفية التصدي لهذا السلاح الجديد الذي غير العديد من المفاهيم العسكرية هذه الأيام.

وهناك دول عديدة خضعت لعمليات تطوير هذه الطائرات الجديدة في العشر سنوات الماضية. وعلى رأسها الولايات المتحدة. بطائرة البريداتور ثم إيران بطائرة شاهد وإسرائيل بطائرة. هيرون وتركيا بطائرة بيرقادر أما روسيا فلم تهتم بتطوير هذا النوع من الطائرات في السنوات الماضية، حيث ركزت في تطوير الصواريخ. الباليستية، وبالفعل نجحت في ذلك من هنا اضطرت إلى شراء هذا النوع من الطائرات المسيرة من إيران. حيث تستخدمها الان بكثافة في حربها ضد أوكرانيا خاصة في مجال الاستطلاع ومهاجمة الأهداف الأرضية وخاصة الرادارات حيث لم يحدث ان استخدمت روسيا طائراتها المقاتلة مثل الميج 29 و السوخوي 35 في هذه الحرب بسبب تكاليفها امام رخص ثمن هذه المسيرات الإيرانية بل ان هناك معلومات ان ايران في طريقها لإنشاء مصنع مشترك في روسيا لإنتاج هذه الطائرات عموما من المنتظر في الخمس سنوات القادمة ان تنجح روسيا في تطوير أنواع من الطائرات المسيرة بدون طيار لتواكب التقدم العلمي في هذا المجال، علما بأن مصر دخلت هذا المجال منذ عدة سنوات وعرضت الإنتاج الجديد لها. في آخر معرض للسلاح في العام الماضي.