معالى السادة الوزراء
السيدات والسادة الحضور
في البداية أود أن أنقل خالص تحيات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية إلي أخيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشقيقة وإلي الشعب المغربي الشقيق
وأتوجه بالشكر لحكومة المملكة المغربية الشقيقة على استضافة هذا الحدث الهام ، وأعرب عن خالص الشكر والامتنان لمعالي الوزير المهندس/ محمد عبد الجليل علي دعوتي للمشاركة في هذا المؤتمر العالمي للنقل السككي فائق السرعة المقام هذا العام تحت شعار " السرعة الفائقة السككية : السرعة الأنسب لكوكبنا الأرضي ".
وأود بصفتي وزيراً للنقل بجمهورية مصر العربية أن أسجل سعادتي الشخصية بوجودي مع هذه النخبة المتميزة من السادة وزراء النقل وصانعي السياسات ومجتمع النقل الدولي والباحثين من الأوساط الأكاديمية والشركات والحكومات لبحث الأوضاع الحالية والمستقبلية للنقل خاصة في ظل التحديات التي تواجه هذا القطاع الهام وأهمها تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ومن قبلها جائحة كورونا وتاثيراتهما السلبية على حركة التجارة والسياحة في العالم.
السيدات والسادة الحضور
إن جهود التكامل الاقليمى والقارى فى قارتنا الافريقية لا يمكن التعامل معها بمعزل عن النهوض بشبكة البنية التحتية للنقل خاصةً فى ظل ما يشهده قطاع السكك الحديدية من طفرة كبيرة تتمثل فى خطوط السكك الحديدية فائقة السرعة، فى ظل أهمية ذلك فى تيسير حركة البضائع والخدمات والافراد بما يوفر بيئة مواتية لتحقيق مستويات اعلى من التكامل الإنتاجى والاقتصادى، وتعد مشروعات البنية التحتية وفى مقدمتها مشروعات النقل السككى العابر للحدود ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المنشودة فى إفريقيا والتي تعاني من عجز هائل فى هذا المجال حيث لا تتوفر بها سوى 5% فقط من اجمالى الخطوط السككية فى العالم، ويتسبب هذا العجز فى خسائر اقتصادية ضخمة تؤثر سلبا على تنافسيتها فى الاقتصاد العالمى خاصةً وأن القارة بحاجة ماسة وعاجلة إلي تنفيذ حوالى 18000كم من الخطوط السككية بحلول عام 2040 والتي تحتاج الى استثمارات ضخمة.
وفى هذا الإطار أشير إلى أن دخول اتفاقية التجارة الحرة القارية الافريقية حيز التنفيذ فى يناير 2021 هو فى واقع الامر علامة فارقة على طريق التكامل القارى وفرصة حقيقية لدول القارة لتحرير أكثر من 90% من التعريفات الجمركية بما يسهم فى تحقيق معدل نمو اعلى للمواطن الافريقى، وهو انجاز يجب البناء عليه لزيادة معدل التجارة البينية الافريقية والتى لا تتجاوز حالياً 15% من اجمالى التجارة فى القارة، وذلك بالنظر الى ان القارة تضم ما يقرب من 1,2 مليار نسمة بناتج محلى حوالى 2,5 تريليون دولار، حيث يمكن لهذه الاتفاقية ان تحقق منافع اقتصادية واجتماعية كبيرة لدول القارة تتمثل فى تسريع وتيرة النمو الاقتصادى وزيادة الدخول والحد من الفقر وستساعد القارة على تنويع انشطتها الاقتصادية، ويأتي فى هذا المجال النقل السككى كآلية مؤثرة فى تحقيق هذا الطموح.
وأود بهذه المناسبة أن أعرض رؤية وزارة النقل المصرية التى تتخطى مجرد نقل الركاب والبضائع إلى المشاركة الفاعلة فى ترسيخ مفهوم التنمية المستدامة للدولة لتحقيق التوازن المطلوب بين المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية ،ولتنفيذ هذه الرؤية تم اتباع سياسات مرنة ومتطورة تشمل التوسع فى وسائل النقل لربط مصر بمحيطها الاقليمى والدولى من خلال تطوير الموانئ البحرية وطرق الربط البرى والسككى مع الدول العربية والإفريقية المجاورة، وتوفير أعلى معدلات السلامة والأمان على شبكات ووسائل النقل والتوصل إلى حلول مستدامة وصديقة للبيئة ومما ينعكس إيجابياً على تحسين جودة الخدمات المقدمة وتطوير عناصر منظومة النقل بإدخال نظم النقل الحديثة لمسايرة التطور العالمى فى مجالات النقل بالحاويات والنقل متعدد الوسائط وخدمات المراكز اللوجستية والموانئ الجافة، والأخذ بأنظمة النقل الذكية فى مجالات النقل المختلفة، وكذلك تطوير الوضع المؤسسى والتشريعى لمسايرة التطورات الحديثة لإدارة منظومة النقل وتطوير خدماتها وفقاً لأهداف الدولة الاقتصادية والاجتماعية
السادة الحضور
إن جميع المشروعات التي تنفذها وزارة النقل المصرية تتفق مع التوجه العالمي نحو تنفيذ مشروعات تحقق النقل الجماعي الأخضر المستدام صديق البيئة.
ولقد تشرفت مصر باستضافة مؤتمر COP27 بمدينة شرم الشيخ في نوفمبر الماضي في ضوء الاهتمام الكبير الذي توليه دول العالم للتوجه للاقتصاد الأخضر كإستراتيجية جديدة لتقليل المخاطر البيئية المرتبطة بالاقتصاد ،وفي هذا الصدد فقد أعلنت رئاسة COP27 ووزارة النقل عن مبادرة " نقل منخفض الكربون من أجل استدامة حضرية- لوتسLOTUS"
)
وهى مبادرة تم صياغتها بعد عملية تشاور مضنية مع العديد من أصحاب المصلحة المتعددين من مجتمع النقل العالمي بما في ذلك المنظمات غير الحكومية ومراكز الفكر ومنظومة الأمم المتحدة وبنوك التنمية المتعددة الأطراف والدول الأعضاء حيث عكست المبادرة تحديات حقيقية تواجه الدول النامية أهمها فجوات تمويل مشروعات النقل باعتبارها غير جذابة نتيجة ضعف عوائدها وأسعار الخدمة المخفضة في الدول النامية وضعف عائد الاستثمار وضعف آليات التعاون بين القطاعين العام والخاص وكذا صعوبة دمج وتنظيم قطاع النقل غير الرسمي.واخيرا أهمية توافر ارادة سياسية قادرة على التنفيذ لمواجهة كافة هذه التحديات.
وحيث تهدف مبادرة لوتس إلى دعم تطوير أنظمة نقل عادلة وصحية وخضراء ومرنة على الصعيد العالمي وفي الدول النامية.
كما أود الاشارة الى أن مصر قد استثمرت كل طاقتها في مواجهة التحديات للوصول الى ترسيخ منظومات نقل جماعى أخضر متكاملة مخططة على نحو مستدام وانهاء الازدحام وانتهاج المسار الصحيح لإزالة الكربون من وسائل النقل وأهمهم وسائل السكك الحديدية وزيادة نسبة المشروعات الخضراء في موازنتها العامة من 15% حاليًا إلى نحو 50%.
لذا أدعو جميع الحضور ممثلى الدول والحكومات والمؤسسات إلى الاطلاع علي مبادرة لوتس وأخذها بعين الاعتبار كمنهج عمل للدول النامية وتبنيها تمهيداً لإقرار آليات حوكمة جدية لازمة لتوفير سبل تمويل ودعم جادة تعكس الطموح العالمى نحو إزالة الكربون من أنشطة النقل وحشد المشاركة الدولية لهذه المبادرة حتى نصل إلى نتائج ملموسة يمكن استكمالها فيCOP 28 بدولة الامارات العربية الشقيقة .
السادة الحضور
لقد كانت جمهورية مصر العربية من أوائل دول العالم في تشغيل قطارات السكك الحديدية ، حيث تم البدء في إنشاء شبكة السكك الحديدية في مصر عام 1851 وكان عدد سكان مصر في وقتها حوالي (4) مليون نسمة ، وتم تشغيل أول خط لهذه الشبكة من القاهرة إلي الإسكندرية
بطول (208) كم عام 1854 وكان عدد سكان مصر حوالي (4,2) مليون نسمة ، تم توالي التوسع في إنشاء خطوط السكك الحديدية حتى وصلت حالياً إلي حوالي 10 آلاف كيلومتر تغطي كافة أنحاء الجمهورية وتربط جميع المدن الرئيسية وعواصم المحافظات .
وبالإضافة لرفع كفاءة الشبكة الحالية بصفة مستمرة ودورية من خلال تطوير منظومة البنية الأساسية (السكة – الإشارات – المزلقانات – المحطات – الورش ) والوحدات
المتحركة ( عربات – جرارات ) وتطوير العنصر البشري الذي يعد أهم عناصر المنظومة ،فقد كان لزاماً التخطيط لإنشاء شبكة القطار الكهربائي السريع بإجمالي أطوال 2250 كم، جارى تنفيذ عدد 3 خطوط منها وهى ( السخنة /القاهرة/ الإسكندرية / العلمين الجديدة / مطروح -
6 أكتوبر / الأقصر / أسوان / أبوسمبل - قنا / الغردقة / سفاجا ) بإجمالي أطوال 2000 كم يتم تنفيذها بمعرفة الشركات الوطنية المصرية بالتعاون مع شركة سيمنس الالمانية بالإضافة إلى خط بورسعيد / أبوقير بطول 250 كم والمخطط تنفيذه بنظام المشاركة بين القطاعين العام والخاص .
يأتي هذا المخطط في ضوء أهمية تشغيل منظومة سكك حديدية متطورة تعتمد علي أحدث الأساليب التقنية والتكنولوجية التي وصل إليها العلم الحديث في ظل التحولات الرقمية في شتي المجالات وتتناسب مع التغيرات المناخية الحالية لتحقق أقصي درجات الحفاظ علي البيئة .
ويهدف إنشاء شبكة القطار الكهربائي السريع المصرية إلي الآتي :
خلق محور لوجيستى يربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط حيث أطلقت شركة هاتشيسون الصينية عليه محور السخنة - الدخيلة اللوجيستي .
ربط المناطق الصناعية ( مناطق الإنتاج ) بالموانئ البحرية المصرية ( مراكز التصدير )
ربط مناطق التنمية الزراعية الحديثة ( الدلتا الجديدة - غرب المنيا - توشكي – مستقبل مصر - ... ) بمناطق الاستهلاك وموانئ التصدير .
الربط بين المناطق السياحية بأنواعها( سياحة الغوص والشواطئ بالغردقة – السياحة الثقافية فى كل من أهرامات الجيزة / أبيدوس بسوهاج / الأقصر / أسوان / أبو سمبل – السياحة الدينية بدير المحرق بأسيوط ) ما يتيح تنوع البرامج السياحية للسائح فى الرحلة الواحدة .
التكامل مع المطارات والموانئ البحرية والطرق البرية لتحقيق مفهوم النقل متعدد الوسائط
الربط بين الموانئ البحرية والموانئ الجافة والمناطق اللوجيستية .
خدمة أهداف التنمية العمرانية المستدامة وإعادة توزيع السكان وخلق محاور تنموية جديدة
يتطابق مسار الخطين الأول والثاني من الشبكة مع مخطط ( ممر التنمية ) الذي اقترحه العالم المصرى فاروق الباز والذي يهدف إلى تحقيق تنمية زراعية وعمرانية من خلال زراعة مليون فدان واستيعاب 20 مليون مواطن على مسار تنموي بطول 1200 كم من الإسكندرية وحتى توشكي .
الحد من التلوث البيئى الناتج عن تشغيل جرارات الديزل ( ينتج عن الجرار الديزل الواحد حوالي 2 مليون طن من الإنبعاثات الكربونية سنوياً ) .
زيادة طاقة النقل للركاب والبضائع بما يسمح باستيعاب عدد 2,5 مليون راكب يومياً
و20 مليون طن بضائع سنوياً عند اكتمال تنفيذ شبكة القطار الكهربائي السريع.
الربط السككى مع دول الجوار جنوبا بمد الخط الثاني من ابوسمبل الى وادي حلفا بالسودان
وغربا بمد الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع حتى السلوم ومنه الى بنغازي
واستكمالاً لمجهودات الحكومة المصرية في التوسع في مشروعات التنمية المستدامة ، قامت وزارة النقل بوضع إستراتيجية شاملة للتحول إلي تشغيل نظم النقل الجماعي الأخضر من خلال التوسع في تنفيذ مشروعات وسائل النقل ذات الجر الكهربي المتطورة والحضرية وصديقة البيئة وتتمثل هذه المشروعات في الآتي :
مشروع القطار الكهربائي الخفيفLRT ( السلام – العاشر من رمضان – العاصمة الإدارية ) بطول105كم وعدد19محطة و الذي تم افتتاح المرحلتين الأولي والثانية بطول حوالي70كم بعدد12محطة في يوليو 2022 , ويجري حالياً تنفيذ المرحلتين الثالثة والرابعة بطول35 كم بعدد7 محطات .
جاري تنفيذ مشروع مونوريل شرق النيل (العاصمة الإدارية ) بطول56,5كم
وعدد 22محطة ومونوريل غرب النيل (السادس من أكتوبر ) بطول43,7كيلومتر
وعدد13محطة.
تطوير الخطين الاول والثاني لمترو القاهرة واستكمال تنفيذ الخط الثالث لمترو الأنفاق ( عدلي منصور– إمبابة / جامعة القاهرة ) بطول 41,2 كيلومتر وعدد34 محطة وكذلك مشروع إنشاء الخط الرابع لمترو الأنفاق ( 6 أكتوبر – القاهرة الجديدة )
بطول 46,5 كيلومتر ويجري حاليا ًتنفيذ المرحلة الأولي منه ( 6 أكتوبر – الفسطاط ) بطول19كيلومتربعدد17محطة .
مشروع انشاء الخط السادس لمترو الأنفاق ( الخصوص – المعادي الجديدة ) بالتعاون مع شركة الستوم الفرنسية بطول 35 كم وعدد 27محطة .
مشروع تطوير مترو الإسكندرية ( أبو قير – محطة مصر ) بطول 21,7 كيلومتر.
مشروع تطوير وإعادة تأهيل ترام الرمل بطول 14 كيلومتر.
تنفيذ ولأول مرة مشروع الأتوبيس الكهربائي الترددي BRT علي الطريق الدائري بطول 110 كيلومتر لمنع توقف الميكروباص أعلي الطريق الدائري وتشجيع المواطنين علي تقليل استخدام السيارات الخاصة من خلال استخدام وسيلة نقل ركاب متميزة وصديقة للبيئة
إحلال وتجديد أسطول النقل العام بالتعاون مع الشركات المتخصصة في إنتاج أتوبيسات نقل جماعي صديقة للبيئة تعمل بالكهرباء أو بالغاز الطبيعي .
تشغيل الأتوبيسات الكهربية صديقة البيئة كنموذج سيتم التوسع في تطبيقه علي مستوي الجمهورية .
السادة الحضور
إن العالم ينظر الى قارتنا باعتبارها أرض الفرص الواعدة وعلى انها مؤهلة أكثر من أي وقت مضى لتحقيق معدلات مرتفعة بالنمو الاقتصادى المستدام فى ظل ما تملكه من موارد بشرية وثروات متنوعة هائلة، وانى لأدعو المؤسسات الاقليمية والدولية وبنوك الاستثمار وشركاء افريقيا فى التنمية للمشاركة معا للمضى قدما فى تحقيق طموحاتنا المشتركة من خلال تمويل مشروعات التنمية والاحتياجات الضرورية للبنية التحتية وفى مقدمتها مشروعات النقل ، بتمويل يجب أن يكون بأيسر الشروط.
وأود أن أؤكد بهذه المناسبة ان التنمية ليست مسئولية الحكومات وحدها وإنما تتطلب مشاركة واسعة من القطاع الخاص على أن تقوم الحكومات بدورها الهام فى توفير المناخ الجاذب للاستثمار بكل متطلباته.
إن تحقيق آمالنا فى المستقبل الذى نرجوه يتطلب التنسيق فيما بيننا وتبادل الخبرات ومواصلة العمل الدؤوب بإرادة قاطعة على كافة المستويات للعمل على جذب المزيد من الاستثمارات وتدفقات رؤوس الاموال لمشروعات النقل وبما يساهم فى تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية لأبنائنا جميعاً بما يفتح امامهم آفاق المستقبل.
وفي الختام أتمنى لمؤتمرنا هذا التوفيق والنجاح وأثق بأننا جميعاً سنبذل كل الجهود للمساهمة بفاعلية فى تطوير النقل خاصة النقل السككى السريع الذى يتجاوب مع تطلعات المستقبل ، كما أود أن أؤكد علي أن مصر ستظل دوماً داعمة لقضايا قارتنا الافريقية وشريكاً أصيلاً فى تنميتها جنباً الى جنب مع اشقائنا فى دول القارة،وإننا على استعداد لمشاركة الاشقاء خبراتنا وتجربتنا في مشروعات النقل بما يحقق مصالح شعوبنا ويلبى تطلعاتها فى مستقبل أفضل.ومرة ثانية اشكر المملكة المغربية الشقيقة علي تنظيم هذا المؤتمر متمنيا لها دوام التوفيق والسداد .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته